السبت، 8 أكتوبر 2016

التقدم إلى الخلف

كان تعديل قانون الاجتماعات العامة في العام 2011، خطوة إيحابية ومهمة على طريق الإصلاح وضمان حرية التجمع والتعبير السلميين؛ إذ تم إلغاء شرط الحصول على الموافقة المسبقة على عقد الاجتماعات العامة، والاستعاضة عنه بشرط إبلاغ الجهات المعنية، وبالتحديد الحاكم الإداري، قبل موعد الاجتماع العام بثمان وأربعين ساعة؛ كما نصت الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون.
إلا أننا بدأنا نلحظ، في الآونة الأخيرة، ما يمكن تسميته بأنه تراجع عن هذا القانون أو خروج عنه. إذ تفاجأ عدد من المنظمات عند قيامها بحجز قاعات فنادق بهدف عقد مؤتمرات او ورش عمل، بطلب من إدارات هذه الفنادق بضرورة تزويدها بموافقة خطية من المحافظ، علما أن القانون لا ينص على ضرورة وجود موافقة؛ على العكس من ذلك، فقد تم إلغاء المادة الخامسة من القانون التي كانت تنص على صدور موافقة.
ندرك جميعا أننا في الأردن نعيش وسط منطقة ملتهبة، وأن الأخطار تحيط بنا من كل جانب؛ وندرك أيضا أن الأمن والاستقرار أولوية متفق عليها رسميا وشعبيا؛ ونقدر عاليا ما تقوم به مؤسسات الدولة من جهود في سبيل المحافظة على أمن الوطن والمواطنين. ولكن هذا لا يعني، بأي حال من الأحوال، أن يكون هناك تراجع عن الخطوات الإصلاحية التي تم إنجازها خلال السنوات الأخيرة، والتي حققناها في إطار من التعاون والتفاهم بين صانعي القرار والمطالبين بالإصلاح من مختلف الاتجاهات، بل إننا نفخر كأردنيين بأننا حققنا هذه الخطوات من دون أن ندخل في أنفاق مظلمة كما حصل في دول أخرى. ولذلك، لا يحق التراجع عما تم تحقيقه.
وللتذكير، فإن قانون الاجتماعات العامة يلزم الجهة المنظمة أن تقوم بتزويد الحاكم الإداري بالمعلومات الأساسية حول الاجتماع أو التجمع المنوي عقده، ويشمل ذلك أسماء المنظمين وعناوينهم وتواقيعهم، والغاية من الاجتماع، وتحديد مكانه وزمانه. وأعتقد أن هذا النص في القانون يعني أن الجهات الرسمية على علم كامل بتفاصيل تنظيم الاجتماع، ويمكن لها التدخل فورا لو كان هناك أي خطورة ناتجة عن عقده. كما أن القانون يحمل المنظمين المسؤولية القانونية والجزائية إذا أدى الاجتماع إلى خلل في الأمن العام أو النظام العام، أو إذا حصل إضرار بالغير أو بالأموال الخاصة والعامة، وذلك كما نصت المادة الثامنة. 
على صانعي القرار والمسؤولين أن ينتبهوا جيدا إلى ممارسات يقوم بها البعض باسم مؤسسات الدولة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بممارسات لا تستند إلى نصوص قانونية. فنحن جميعا نسعى إلى تطبيق مبدأ سيادة القانون، تماما كما نصر على السير قدما في طريق الإصلاح، وتماما كما نتفق على أهمية الأمن والاستقرار. وعلى الجميع تحمل مسؤوليته في موقعه، فنحن نتقدم إلى الأمام، ولا نريد أن نتقدم إلى الخلف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق