السبت، 8 أكتوبر 2016

حزب الطراونة

من الواضح أن رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة، قد نجح في تكريس نفسه كقطب أساسي في مجلس النواب، بعد أن تمكن من الحفاظ على كرسي رئاسة المجلس لدورات متتالية، تمكن فيها من تجاوز كل العراقيل والصفقات النيابية، وصولا إلى إعلان نفسه رئيسا قويا في الدورة الحالية، بحصوله على أغلبية كاسحة من أصوات النواب أمام منافسيه.
تجربة الطراونة تذكرنا بتجربة النائب الحالي ورئيس مجلس النواب الأسبق عبدالهادي المجالي، الذي عاش فترة ذهبية سيطر فيها على منصب رئيس المجلس لسنوات. وهو ما حاول السياسي المخضرم أن يترجمه على أرض الواقع من خلال تأسيس كتلة نيابية كبيرة وقوية، وتحويلها لاحقا إلى حزب التيار الوطني، سعيا منه إلى الوصول إلى حكومة يقودها حزبه الذي توقع الكثيرون أن يحقق نتائج مميزة في الانتخابات النيابية الأخيرة. إلا أن نتائج الحزب صدمت المراقبين والحزب نفسه، عندما لم ينجح عن قائمته سوى رئيسه المجالي. 
صعود الطراونة يبدو مختلفا قليلا. فالرجل وصل إلى عضوية المجلس الحالي من خلال القائمة الوطنية التي ترأسها، وتمكن فورا من تشكيل كتلة كبيرة وقوية ومتماسكة نوعا ما، ما أطلق يده في تقديم عدد من المقترحات ذات العلاقة بالنظام الداخلي لمجلس النواب، والتي يعتبرها هو وعدد من المراقبين إضافات مهمة على عمل المجلس. إضافة إلى أن الطراونة تمكن من مواجهة المعادلات التقليدية المتعلقة بالمحاصصة، والتي ربما كانت لتقصي الرجل عن موقعه الحالي لو لم يكن بهذه القوة. فوجود دولة فايز الطراونة في موقع رئيس الديوان لا يسهل بالتأكيد أن يكون رئيس مجلس النواب من نفس العشيرة.
والسؤال الذي يمكن طرحه الآن، في ظل قرب إقرار قانون الانتخاب الجديد والحديث عن الحكومات البرلمانية المرتبطة بالكتل النيابية، هو ما إذا كان عاطف الطراونة قد بدأ بالتفكير في تحويل كتلته النيابية إلى حزب يخوض الانتخابات المقبلة في أكثر من محافظة. هذا السؤال يرتبط كثيرا بالطموح السياسي للرجل، وهو الوحيد القادر على الإجابة عنه. لكنه يرتبط أيضا برأي حلفائه في الكتلة أو في قائمة "وطن" التي خاضت الانتخابات الأخيرة، ومن أهمهم بلا شك الأخوان خليل وخميس عطية، وما إذا كانا سيبديان حماسا لتشكيل حزب سياسي، خاصة وأن الانتخابات المقبلة لن تشهد ترشحا فرديا. 
شخصيا، أتمنى أن يقدم المهندس الطراونة على فكرة تشكيل حزب كبير يخوض الانتخابات، ويشكل كتلة ثقيلة في المجلس، لأن ذلك سيكون حافزا للأحزاب الأخرى على التكتل، لتكون قادرة على المنافسة. وهو ما سينتج عنه تواجد حزبي أكبر في مجلس النواب، وسيقود عاجلا أم آجلا إلى خلق أحزاب كبيرة تتنافس على تشكيل الحكومات، مع وجود معارضة قوية. وكل هذا يصب في صالح مجلس النواب والحياة السياسية بشكل عام، فهل نرى قريبا حزبا كبيرا وقويا يقوده عاطف الطراونة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق