السبت، 8 أكتوبر 2016

السوريون وسوق العمل



لا شك أن الأردن يعاني نتيجة الأزمة السورية بكل أبعادها، بما في ذلك أزمة اللجوء. فليس من السهل أن يستقبل أي بلد في العالم كتلة بشرية توازي عشرين بالمائة من سكانه، فكيف الحال ونحن نتحدث عن الأردن الذي يعاني من شح في موارده الطبيعية، وخاصة المياه والطاقة، وضعف في بنيته التحتية التي لم تكن مجهزة بأي حال من الأحوال لاستقبال هذا العدد الكبير. ناهيك، طبعا، عن الضرر الكبير الذي لحق بقطاعات كالتجارة والنقل، نتيجة إغلاق الحدود السورية والعراقية. وخاصة مع تقاعس المجتمع الدولي عن القيام بواجباته تجاه الأردن، لاسيما ما يتعلق بتغطية تكاليف خطة الاستجابة لأزمة اللجوء السورية، والتي يتحمل الاقتصاد الأردني حوالي 60 % منها.
إن دخول السوريين إلى سوق العمل هو، بالتأكيد، أحد التحديات التي أطلت برأسها نتيجة هذه الأزمة. وقد تصاعدت خلال الأشهر الماضية العديد من الأصوات التي تشكو من منافسة العمالة السورية للعمالة الأردنية على الوظائف، وتؤكد أن الأردنيين يفقدون وظائفهم نتيجة إحلال السوريين مكانهم، لأنهم يقبلون بأجور أقل. 
لنتحدث عن بعض الحقائق المهمة، وأولاها أن اللاجئ لا بد أن يعمل ليتمكن من كسب قوته وقوت أسرته، خاصة إذا لم يكن مشمولا بالمساعدات. وهذا ما نراه على أرض الواقع، حيث تنتشر العمالة السورية في سوق العمل على الرغم من عدم حصول العامل السوري على تصاريح العمل. باختصار، فإن الإنسان سيعمل، سواء كان ذلك بشكل قانوني أم لا. 
حقيقة ثانية مهمة، تتمثل في نتائج دراسة صدرت عن منظمة العمل الدولية، تؤكد أن العمالة السورية تنافس بالدرجة الأولى العمالة الأجنبية الأخرى في معظم القطاعات، وليس العمالة الأردنية. مع التأكيد، طبعا، على تفاوت النتيجة من محافظة لأخرى. وفي دراسة إحصائية أخرى، فإن المنافسة بين العمالة السورية والأردنية على الوظائف تنحصر في 5 % من القطاعات الاقتصادية.
وبغض النظر عن هذه الأرقام، فإن التعامل مع هذه القضية لا يكون بالشكوى الدائمة مع دفن الرؤوس في الرمال. وكذلك فإن الحل لا يكون باتخاذ إجراءات عقابية بحق العمالة السورية، ومحاولة منعها من دخول سوق العمل، فهذه الإجراءات غير مجدية، كما أنها تولد حساسيات لا نحتاجها في مثل هذه الأوقات العصيبة.
الحل من وجهة نظر متواضعة، يكمن في قوننة وضع العمالة السورية، من خلال السماح لها بدخول عدد من القطاعات التي لا تشكل أولوية للعمالة الأردنية. وهذا يستلزم بالضرورة إصدار تصاريح عمل تعود رسومها إلى خزينة الدولة، إضافة إلى أن القوننة تلزم المشغل بالحد الأدنى للأجور، وهو ما يعني أن ميزة التنافسية للعمالة السورية القائمة على انخفاض التكلفة ستنتفي، وستكون المهارة وحدها معيار التنافس. 
إن قوننة وضع العمالة السورية تجعلها قادرة على المساهمة في عجلة الاقتصاد الأردني بشكل أفضل، إذ يمكن إخضاع العامل للضرائب والرسوم، وكذلك المساهمة في الضمان الاجتماعي، هذا عدا عن إنفاق الدخل المتأتي نتيجة العمل في السوق الأردنية. ويضاف إلى ذلك نقل الخبرات والمهارات التي تتمتع بها العمالة السورية في قطاعات معينة إلى العمالة المحلية، ما يولد فرصا جديدة للعمالة الأردنية نتيجة اكتساب هذه المهارات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق